الســتـيتيـة.. هديل يفتتــــــــح صبـــــــــــــــــــاحات دمشق
ما عدت أذكر متى استغنيت عن رنين المنبه الصباحي الذي يعلن أن على يومي أن يبدأ, إذ غالباً
ما كنت أسمع صخباً لا أميز مصدره, فأتسلل بصمت لاكتشافه.. ماذا أجد؟ زوجان من طائرالستيتية,
الذي ما كنت قبل الإقامة في دمشق أميز شكله وصوته, ولم أكن قد رأيته في حمص بالأعداد الوفيرة التي
رأيته بها في دمشق.
نافذتي المطلة على شروق الشمس منذ أول شعاع, غالباً ما تشكل مسرحاً لوشوشات ذاك الطائر وطقوسه الغرامية, بل وحمّامه الشمسي الصباحي, وهو ينسق ريشه بمنقار نشيط, أصبحت الستيتية جزءاً
لا يتجزأ من صباحاتي صيفاً وشتاء, أتابع حركاتها وهي تبسط نفسها على
حافة الشباك, أو تتسلى على أغصان شجرة تلامس جدران غرفتي العالية,
أو تتقافز على (أنتين) طويل, لاستقبال البث التلفزيوني, أو تتجمع على الأرض بكثرة لالتقاط الحَبّ الذي لا يبخل به أصحاب المحلات المطلة على الشارع. حاولت مغافلتها مرات عدة, فكنت أجلس دون حراك خلف زجاج نافذتي, أراقبها وأنصت لأصواتها وفي كل مرة أهم فيها بالتقاط صور لها, تفاجئني بأنها كانت فقط تداعبني, وبأنها ربما كشفت مخططي منذ البداية, فأمعنت باستدراجي ثم فرت هاربة وربما ساخرة!
تقول الأسطورة: «إن طيوراً برية كانت تشق السماء، وترحل من الشمال إلى الجنوب، ويُقال إن أصلها كان طائر العنقاء قاهر الصحارى والبحار. مرّ ذات يوم فوق «دمشق»، فاستهوته «عشتار» (ربة الجمال)، وقالت له بصوت سحابي أبيض: تعال، ها هنا لدي الطعام والماء والأمان والعابدون والسلام. تردد قليلاً، ولكنها لوحت له بإزار أبيض يخفي تحته شهوة حياة الكون كلها، فحطّ مدفوعاً بقوة لم يستطع لها دفعاً.
حطّ.. لا عن رغبة بالبقاء، ولا بالعيش في كنف معابد الربة الجميلة. حطّ مستطلعاً فقط.. وليرتاح من تعب، ولكنه حين حطّ ، وشرب من ماء بحيرة الربة وأكل بعد جوع طعامَ الربة المنثور في جنبات معابدها, سقط ريشه القوي، ولانت روحه الشديدة، ونسي الأسفار والصحارى والغابات والأنهار، والتجأ مستسلماً إلى حمى الربة. وتكاثر العنقاء وتوالد، وماتت الربة، ولكنه بقي. اندثرت معابدها،ولكنه بقي. وقامت معابد لأربابٍ جدد، فاحتمى بأكنافها، وتغيرت أسماء الأرباب، و أسماء العابدين، وتغيرت أسماء المعابد، لكن أحداً لم ينسَ أبداً.. اسمه القديم مدلل «الست عشتار»: «الستيتية»!.. الاسم العربي للستيتية هو يمام النخيل, أو الدبسية, واسمها بالإنكليزية little brown dove أو palm dove أو laughing dove .
يقول الدكتور دارم طباع مدير مشروع حماية الحيوان في سورية ( سبانا ): تعد الستيتية أو الحمامة الضاحكة, أو الحمامة السنغالية, أو الحمامة البنية الصغيرة من الطيور المحببة في المجتمع الإسلامي نظراً لارتباطها باعتقاد سائد مفاده أنها حمت رسول الله (ص) وصحبه في غار حراء أثناء هجرتهم من مكة إلى المدينة عند تخفيهم في غار حراء. وقد ساهم هذا الاعتقاد في انتشار هذا النوع من الحمام ضمن البيوت والمنازل وخصوصاً المناطق المهجورة وعدم تعرضها للصيد بحيث أصبحت تبني أعشاشها قريبة من مساكن الإنسان. تنتشر وتتكاثر في المناطق الاستوائية في أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى, و الشرق الأوسط, وجنوب شرق آسيا, وصولاً إلى الهند. كما يمكن أن تشاهد توضعات منها في غرب استراليا, ويعد الموئل الطبيعي لها في المناطق الزراعية الجافة حيث تنتشر وتتكاثر هناك لاصقة أعشاشها على الأشجار ويتوضع فيها عادة زوج من البيض الأبيض.
يكون طيران هذا النوع من الحمام سريعاً, وبضربات منتظمة يسمع غالباً أصوات حركة الأجنحة فيها كما هو معتاد لدى كل أنواع الحمام. سميت بالحمام الضاحك نظراً للأصوات المحببة التي تصدرها والتي يشبهها البعض بالدعاء إلى الله تعالى, بينما تشبه في منظورها العام صوت القهقهات الضاحكة. تتميز الستيتية بطول ذيلها ونحف جسمها حيث يبلغ طولها 25 سم, وتكون مؤخرة ذيلها وأجنحتها مائلة إلى اللون البني المحمر مع ظهور اللون الرمادي المزرق على أجنحتها أثناء الطيران. ويكون لون أسفل أجنحتها مائلاً إلى الكستنائي. يتميز رأس ورقبة الستيتية باللون القريب إلى الزهري الظليل المائل إلى الابيضاض باتجاه البطن مع وجود بقع سوداء على الحلق. تكون قوائم الطير حمراء ويشبه صوتها بـ (أو توك توك أ ورو) مع الغرغرة أثناء إصدار (توك توك).
يتشابه الذكر والأنثى بالشكل بينما تكون اليافعة منها أكثر احمراراً من البالغة وتكون بقع الحلق أقل. تعيش الستيتية على الأعشاب والبذور والحبوب وغيرها من النباتات إضافة إلى تناولها الحشرات الصغيرة. وهي تفضل البقاء على الأرض بحيث ترعى من نباتات الأرض والزراعات المحيطة, وغالباً لاتحب العيش في تجمعات إذ نجدها إما وحيدة, أو على شكل أزواج فقط. ويعد هذا النوع من الطيور أحادية التزاوج, بحيث يحافظ الزوج على زوجته عادة مدى الحياة. تكون فترة حضانة البيض لديها عادة 14 يوماً وغالباً ماتقوم الأنثى بحضن البيض إلا في حالات الضرورة القصوى فيمكن للذكر أن يحل محلها في ذلك.
الفرق بين الحمام واليمام
يخلط بعضنا في الوصف بين الحمام المعروف بالإنجليزية باسم Pigeons وبين اليمام المعروف باسم Doves ويرجع ذلك إلى أنهما يقعان في نفس الرتبة والفصيلة, وثمة شبه في صفاتهما العامة، لكن الحمام نوع واليمام نوع آخر, ويوجد بينهما فوارق طبيعية منها:
لا يمكن استئناس اليمام بينما يمكن ذلك مع الحمام بسهولة, إ ذا حبس اليمام لا يفرخ إلا نادراً, إذا أفلت اليمام فإنه لا يعود ، ويعتبر طائراً مهاجراً عموماً. يميل اليمام إلى سكن الخرائب والمغارات في الجبال وأغصان الأشجار, يختلف الحمام عن اليمام في الصوت, جسمه صغير في الحجم، ولونه بني محمر(رملي) أو وردي خفيف (سماني) بطوق اسود حول رقبته , أرجله عارية، ورأسه غير مزين بريش، ويأتي أيضا اليمام بألوان مختلفة منها الأبيض. لحمه أقل جودة.
ملاحظات مصوّر
ويذكر موقع للانترنت باللغة الانكليزية أن الذكر البالغ: يبدو الرأس والرقبة من الخلف بلون وردي مختلط بلون ( الموف ) الظهر وجزء كبير من الأجنحة بلون بني محمر قريب من لون الصدأ, الجزء الخلفي والذيل أزرق رمادي, الحلق وردي- موف, وأقل من ذلك أسفل المنقار, الصدر وردي- موف, مع ظلالً بلون الكريم عند البطن, والأبيض تحت ريش الذيل, هناك طوق عريض من الريش الذهبي النحاسي مع قواعد سوداء على جانبي العنق. ريش الأجنحة الداخلية بني محمر كما الظهر, ريش الأجنحة الخارجي أزرق رمادي إلى رمادي داكن, القوادم والخوافي بنية رمادية قاتمة, المنقار بني رمادي قاتم, وقزحية العين بنية داكنة, أما الأرجل والأقدام فهي وردية.
الأنثى البالغة
تشبه الأنثى الذكر, لكن لونها غالباً أكثر دكنة, فالظهر ليس بنياً محمراً كثيراً كما عند الذكر, وكذلك الصدر ليس وردياً جداً, المنقار بني رمادي قاتم, وقزحية العين بنية داكنة, وحلقة العين رمادية فاتحة مع حافة وردية, الأرجل والأقدام حمراء داكنة.
صغار الطير
تختلف صغار الطير عن الطير البالغ بما يلي: الطوق الأعلى المعتاد بني داكن, الجانب الأعلى من الذيل أكثر قتامة, يفتقد الريش النحاسي عند الرقبة, الجانب السفلي من الرقبة بني شاحب, الصدر بني مع انتشار ظلال للون وردي, يشحب نحو البني عند الجزء السفلي من الصدر والبطن, معظم ريش الجسم ذو نهايات لونية شاحبة, الجناحان أزرقان رماديان, الجزء العلوي من الذيل بني, المنقار رمادي قاتم, القزحية بنية فاتحة, والأرجل والأقدام حمراء وردية .
مــــــــنـــــــــقـــــــــول